Wednesday, May 18, 2016

التمويل المالي للثورة من قبل عرش الحرازلية :

التمويل المالي للثورة من قبل عرش الحرازلية :
بقلم : محمد رميلات
شارك الحرازلية في التمويل المالي للثورة بدفع اشتراكاتهم الشهرية المقررة آنذاك كحد أدنى بـ 200 فرنك عن كل رجل بالغ ، ولم يتخلف حتى الفقراء منهم عن شرف دفع هذه المساهمة المالية وكان الذين يتولون التعبئة العامة والتحسيس بأهمية الإشتراكات ودفعها عن طيب خاطر ، هم كل من : الحاج بلخضر بن مويزة ، الحاج عبدالقادر بن مهية ، الحاج محمد قرينات ، الحاج علي خطوي ، الحاج محمد بحطيطة ، الحاج المكي طعابة ، الحاج الخليفة قطاف ، الحاج سليمان شلالي ، سي مويزة بوداود ، الحاج قويدر لشعل ، الحاج قدور بن مهية ، الحاج سليمان غزال ... وغيرهم من الشخصيات الكارزمية من شيوخ العشائر الحرزلية المعروفون بالأريحية المالية والسخاء الفطري الذي يُعد ضربًا من سجاياهم وكان منهم من يتولى دفع المبلغ الإجمالي للإشتراكات الشهرية نيابة عن عشرين عائلة أو أكثر ، والكثير منهم جعل من بيته وما يملك من مال وماشية تحت تصرف المقاتلين في سبيل الله من مجاهدين وفدائيين ومسبلين ومناضلين ورجال البريد والإتصال ...وغيرهم ، ولما تزايدت أموال الإشتراكات الشهرية باتت الحاجة ماسة إلى تنظيم هيكلي يضبطها ، فتم اعتماد الصبغة العرشية في تسلسلاتها وفروعها في إنشاء اللجان الشعبية وخلايا الإتصال ولجان المال فكان البدوي الذي يقيم في عين وسارة والذي يقيم في واد نسا أو زقرير سواسية في دفع حصتهم من اشتراكاتهم المالية في وقت واحد وبمبلغ مالي واحد ما دام الإنتماء العرشي لقبيلة الحرازلية هو المعيار في دفع الإشتراك الشهري .
وكانت لجيش التحرير موارد مالية أخرى علاوة على الإشتراكات الشهرية والتبرعات العينية والنقدية كالغرامة والإتاوة والرسم وغيرها من أنواع الضرائب وكل هذه التحصيلات المالية تكون مشفوعة بتوصيل تسليم واستلام وإيداع ، وتُحرر في سجلات رسمية مختومة ومرقمة وبنموذج موحد عبر جميع جهات الوطن ، ويتم صرف هذه الأموال في شراء الألبسة والأدوية والأغطية والأغذية ورواتب العمال ومنح المجاهدين ومخصصاتهم وكفالة أرامل وأبناء الشهداء وعائلات المساجين والمعتقلين ...وغير ذلك .
وكان التموين من أعقد التنظيمات وأكثرها سرّية حيث يُكلف المسبلون من أولي الحزم والعزم من الرجال فيقومون بجمع التموينات وتحضيرها وتوفير وسائل النقل المناسبة لها وتحديد الطرق الآمنة والمسالك المحروسة للتنقل عبرها إلى جانب تدبير الحيل الممكنة والتمويه اللازم لرفع الشبهة عنها وتحديد أماكن المخابئ لها إلى غاية بلوغ إيصالها إلى المكان المخصوص في الزمن المخصوص .
ولذلك قامت قوات الإحتلال الفرنسي بمحاصرة حاسي الدلاعة في صيف عام 1958 وقامت باعتقال أكثر من 25 رجلا من كبار أعيان ووجهاء الحرازلية المخلصين للثورة بغرض تجفيف منابع الدعم والإسناد لأن العرش صار ظهيرًا أمينًا وسندًا معينًا للثورة والثوار ، ولذلك وليس من نافلة القول أنه وبفضل هذا الدعم السخي حافظت الولاية التاريخية الخامسة على توازنها الإقتصادي ولم يتعرض جيشها لصعوبة في التموين أو التمويل إلا في حالات نادرة مقارنة بالولايات التاريخية الأخرى .
ونظرًا لأهمية عرش الحرازلية وكثرة أعداد أفراده ونظرًا لتنظيمه العشائري المحكم في تسلسلاته وفروعه فقد زاره العديد من ضباط جيش التحرير وعقدوا مع أعيانه وشيوخه ولجانه الشعبية عديد الإجتماعات التنظيمية نذكر منهم الرائد محمد قنتار وأحمد هني المدعو الضيف وبلقاسم فرحات بن الشاوي ... وغيرهم ، وكان الهدف من هذه الإجتماعات تنظيم فرق التموين التي كانت تنقسم إلى أربعة فروع ، فرع العمال المؤلف من الخياطين والإسكافيين والحداديين والإداريين ، فرع المخابئ وهم العارفون بالحفر السرية وطرق التموين ومسالكها ، وفرع النقل الذي يجمع الإشتراكات والتبرعات العينية والنقدية من المسؤولين الفرعيين وينقلها إلى المسؤولين الرئيسيين الموزعين على الوحدات القتالية ، وفرع الإتصال الذي يؤمن طرق النقل ويراقبها ويحرسها باستمرار .

منقول للفائدة

0 comments:

Post a Comment

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More