جهاد الحرازلية مع بن الناصر بن شهرة
بقلم : أ . محمد رميلات
قال الشيخ عبدالرحمان الجيلالي في كتابه تاريخ الجزائر العام : [ كان الحرازلية يشكلون غالبية جيش بن الناصر بن شهرة ] وفي محاضرة مطبوعة للدكتور يحيى بوعزيز في الملتقى الوطني الثالث للمقاومة الشعبية للإحتلال الفرنسي بالجنوب الذي نظمته جمعية أول نوفمبر 1954 بالأغواط في : 23 ـ 24 ـ 25 ماي 1998 ، في الصفحة 27 من الطبعة الأولى 1998 قال : [ كان الحرازلية يشكلون ثلثي جيش بن الناصر بن شهرة ] وأكد ذلك الأستاذ أحمد قصيبة في العدد 6 من مجلة الثقافة فقال : [ كان الحرازلية يشكلون ثلثي جيش بن الناصر بن شهرة ، أما الثلث الباقي فكان من عرشي المعامرة والحجاج ] .
وكان من بين رفقاء المجاهد الثائر بن الناصر بن شهرة في إقامته الجبرية ببوغار الشاعر الحرزلي الشيخ سي بن حرزالله بن الجنيدي المولود سنة 1806م ، كما شارك الحرازلية في الدفاع عن مدينة الأغواط و أبلوا البلاء الحسن في معارك ضارية هناك استعملت فيها كل الأسلحة الفتاكة بما فيها المحرمة دوليا كالأسلحة الكيماوية ، وتنقلوا مع بن الناصر بن شهرة حيث ما حل أو ارتحل وخاضوا معه جميع المعارك التي خاضها طوال مدة مقاومته التي استمرت 24 عامًا من 1851م إلى 1874م وقد أرّخ ذلك كله الشاعر الشعبي سي بن حرزالله بن الجنيدي في قصيدة شعرية عصماء تتألف من (200) بيت لم يُذكر منها في ديوانه سوى ( 164 بيت ) يقول في بعضها :
واحضرنا في جهاد لغواط الليّ صار****أنا شفت الشيب ق نهار المڤرونات
عام السّبعين رُحت إلى ترايْب بكـّار****سيدي حمزة منين غرّب لرْبوات
حوّسنا ما كنُه واولاد زبــار****وامشيت إلى أولف وبـلاد توات
واجبال العمور سبڤـــاڤ الجرجار ****الآغــا الدّين والطور اعجلات
ثم يقول في أبيات أخرى :
واحضرنا لـ الجديد والقايد شـورار **** دولت بوعُمود واعمر بن فرحـات
وبن ناصر امنين درقة من بوغـار ****شفتوشي واش دار في قوم امزانات
صيفت على جنان جلول وبــوزار **** من الآغا بوعلام رحنا إلى هـروات
وهذه الرحلات لم تكن اعتباطية من غير سبب فقد كانت إلى جوار البطل الثائر بن الناصر بن شهرة ، يقول المؤرخ الفرنسي رين ( لم يترك بن الناصر بن شهرة سنة لم يهاجمنا فيها ) ، ويذكر من رأى بن الناصر أنه كان رجلا أشقرًا معتدل القــامة أحمر الشّعر كث الحاجبين سريع الخُطى ، ماهر في الرّماية لا يكاد يخطأ الهدف أبدًا ويرمي بدّقة متناهية من خلفه كما يرمي من أمامه ، وكانت له درايـة كبيرة ومعرفة دقيقة بأراضي الصحراء ولذلك لقبة المؤرخ الفرنسي رين بـ (ملاّح الصحراء) ولما تمكن الجيش الفرنسي من احتلال الأغواط وورقلة عامي 1852م و 1853م على التوالي ، هاجر بن الناصر بن شهرة إلى صحراء الجريد في تونس ووجد في الزاوية الرحمانية هناك كل الدّعم والمساندة وكان يتولىّ مشيختها آنذاك الشيخ مصطفى بن عزوز الجزائري والد العلامة محمّد المكي بن عزوز ومكث هناك ينتظر تطوّر الأحداث . ومن تلك القاعدة الخلفية أخذ يشن الغارات على الجنود الكفرة الفجرة داخل الحدود الجزائرية وشارك معه الحرازلية في مكارك كثيرة ، وقد روى لي السيد بلعلمي روان وهو من مواليد سنة 1906م في ما يرويه عن آبائه وأجداده أن من بين الذين هاجروا مع بن الناصر بن شهرة من الحرازلية ( محمد بكاي ، الحاج يحيى بكاي ، الميهوب بن سليمان الشارف و أخوه عبد القادر ، عبد الرحمان بوداود ، بن علية بوداود ، حويط حويط ، العثيري بوداود ، سي محاد بلخضر ...) والقائمة طويلة فقد نسي بلعلمي روان رحمه الله أسماء أخرى وعندما اندلعت ثورة أولاد سيدي الشيخ عام 1864م عاد بن شهرة متخفيًا ودخل إلى ورقلة واتصل بسي العلى واشترك معًا في قيادة الثورة وفي يوم 06 /08/1864م كان على رأس جيش عظيم من الفرسان قوامه 15000 فارس ، ثم ارتحل بن الناصر إلى تونس والتقى في الزاوية الرحمانية بالشيخ محيي الدين بن الأمير عبد القادر وأولاد البطل الشعنبي بوطيبة بن عمران ومحمد بوعلاق التونسي جميعهم كانوا في ضيافة الشيخ مصطفى بن محمد بن عزوز الجزائري ، ومن هناك أرسل بن الناصر 44 رسالة إلى معظم سكان الصحراء الشرقية يحثهم فيها على حمل السلاح ويحرضهم على القتال والانضمام إليه وإلى محيي الدين بن الأمير عبد القادر ويبشرهم بقدوم جيش عسكري من قبل السلطان العثماني لتخليص الجزائر ، ويُروى أن كاتب بن الناصر بن شهرة وأمين سره حرزلي من عائلة النعاس ويقال أن جميع ما دونه هذا الكاتب محفوظ بأرشيف الزاوية القادرية بورقلة ـ ولم أطلع عليه ـ ومن مدينة نفطة التونسية شد الرحال إلى عين صالح ، واستمر البطل ينازل جيش الاحتلال ويصاوله إلى أن اضطر مجددا للهجرة إلى تونس رفقة جيش قليل العدة والعتاد فيهم ثلة من الحرازلية ذكرنا بعض أسمائهم آنفا ، لكن محمد باي تونس آنذاك أرغمه على الرحيل فركب الباخرة من مرسى (حلق الواد ) متوجهًا إلى بيروت و كان بصحبة رفيقه الشيخ محمد الكبلوتي ، فاستقرا بجوار صديقهما محيي الدين بن الأمير عبد القادر وكان ذلك سنة 1875م حيث انتهت مقاومة بن الناصر بن شهرة وطُويت صفحة مشرقة من صفحات البسالة والجهاد ، واتصل القائد البطل بالأميرعبد القادر المقيم في دمشق ليتوسط له لدى الحكومة التونسية ليبيع ما كان قد تركه هنالك من متاع وأراض وأثاث ، توفي رحمه الله سنة 1884م بعد وفاة الأمير عبد القادر بـ عام واحد ، ولم يتمكن بن الناصر بن شهرة من الموت في وطن لطالما كافح لأجله ، فمات غريبًا عنه ، لكن جهوده لم تذهب سدًا فقد انتقم له أبناء وطنه وحرروا البلاد والعباد من رجس ودنس الاحتلال بعد سبع شداد فما وضعت الحرب أوزارها إلا على نصر مؤزر جاء كفلق الصبح .
منقول للفائدة
بقلم : أ . محمد رميلات
قال الشيخ عبدالرحمان الجيلالي في كتابه تاريخ الجزائر العام : [ كان الحرازلية يشكلون غالبية جيش بن الناصر بن شهرة ] وفي محاضرة مطبوعة للدكتور يحيى بوعزيز في الملتقى الوطني الثالث للمقاومة الشعبية للإحتلال الفرنسي بالجنوب الذي نظمته جمعية أول نوفمبر 1954 بالأغواط في : 23 ـ 24 ـ 25 ماي 1998 ، في الصفحة 27 من الطبعة الأولى 1998 قال : [ كان الحرازلية يشكلون ثلثي جيش بن الناصر بن شهرة ] وأكد ذلك الأستاذ أحمد قصيبة في العدد 6 من مجلة الثقافة فقال : [ كان الحرازلية يشكلون ثلثي جيش بن الناصر بن شهرة ، أما الثلث الباقي فكان من عرشي المعامرة والحجاج ] .
وكان من بين رفقاء المجاهد الثائر بن الناصر بن شهرة في إقامته الجبرية ببوغار الشاعر الحرزلي الشيخ سي بن حرزالله بن الجنيدي المولود سنة 1806م ، كما شارك الحرازلية في الدفاع عن مدينة الأغواط و أبلوا البلاء الحسن في معارك ضارية هناك استعملت فيها كل الأسلحة الفتاكة بما فيها المحرمة دوليا كالأسلحة الكيماوية ، وتنقلوا مع بن الناصر بن شهرة حيث ما حل أو ارتحل وخاضوا معه جميع المعارك التي خاضها طوال مدة مقاومته التي استمرت 24 عامًا من 1851م إلى 1874م وقد أرّخ ذلك كله الشاعر الشعبي سي بن حرزالله بن الجنيدي في قصيدة شعرية عصماء تتألف من (200) بيت لم يُذكر منها في ديوانه سوى ( 164 بيت ) يقول في بعضها :
واحضرنا في جهاد لغواط الليّ صار****أنا شفت الشيب ق نهار المڤرونات
عام السّبعين رُحت إلى ترايْب بكـّار****سيدي حمزة منين غرّب لرْبوات
حوّسنا ما كنُه واولاد زبــار****وامشيت إلى أولف وبـلاد توات
واجبال العمور سبڤـــاڤ الجرجار ****الآغــا الدّين والطور اعجلات
ثم يقول في أبيات أخرى :
واحضرنا لـ الجديد والقايد شـورار **** دولت بوعُمود واعمر بن فرحـات
وبن ناصر امنين درقة من بوغـار ****شفتوشي واش دار في قوم امزانات
صيفت على جنان جلول وبــوزار **** من الآغا بوعلام رحنا إلى هـروات
وهذه الرحلات لم تكن اعتباطية من غير سبب فقد كانت إلى جوار البطل الثائر بن الناصر بن شهرة ، يقول المؤرخ الفرنسي رين ( لم يترك بن الناصر بن شهرة سنة لم يهاجمنا فيها ) ، ويذكر من رأى بن الناصر أنه كان رجلا أشقرًا معتدل القــامة أحمر الشّعر كث الحاجبين سريع الخُطى ، ماهر في الرّماية لا يكاد يخطأ الهدف أبدًا ويرمي بدّقة متناهية من خلفه كما يرمي من أمامه ، وكانت له درايـة كبيرة ومعرفة دقيقة بأراضي الصحراء ولذلك لقبة المؤرخ الفرنسي رين بـ (ملاّح الصحراء) ولما تمكن الجيش الفرنسي من احتلال الأغواط وورقلة عامي 1852م و 1853م على التوالي ، هاجر بن الناصر بن شهرة إلى صحراء الجريد في تونس ووجد في الزاوية الرحمانية هناك كل الدّعم والمساندة وكان يتولىّ مشيختها آنذاك الشيخ مصطفى بن عزوز الجزائري والد العلامة محمّد المكي بن عزوز ومكث هناك ينتظر تطوّر الأحداث . ومن تلك القاعدة الخلفية أخذ يشن الغارات على الجنود الكفرة الفجرة داخل الحدود الجزائرية وشارك معه الحرازلية في مكارك كثيرة ، وقد روى لي السيد بلعلمي روان وهو من مواليد سنة 1906م في ما يرويه عن آبائه وأجداده أن من بين الذين هاجروا مع بن الناصر بن شهرة من الحرازلية ( محمد بكاي ، الحاج يحيى بكاي ، الميهوب بن سليمان الشارف و أخوه عبد القادر ، عبد الرحمان بوداود ، بن علية بوداود ، حويط حويط ، العثيري بوداود ، سي محاد بلخضر ...) والقائمة طويلة فقد نسي بلعلمي روان رحمه الله أسماء أخرى وعندما اندلعت ثورة أولاد سيدي الشيخ عام 1864م عاد بن شهرة متخفيًا ودخل إلى ورقلة واتصل بسي العلى واشترك معًا في قيادة الثورة وفي يوم 06 /08/1864م كان على رأس جيش عظيم من الفرسان قوامه 15000 فارس ، ثم ارتحل بن الناصر إلى تونس والتقى في الزاوية الرحمانية بالشيخ محيي الدين بن الأمير عبد القادر وأولاد البطل الشعنبي بوطيبة بن عمران ومحمد بوعلاق التونسي جميعهم كانوا في ضيافة الشيخ مصطفى بن محمد بن عزوز الجزائري ، ومن هناك أرسل بن الناصر 44 رسالة إلى معظم سكان الصحراء الشرقية يحثهم فيها على حمل السلاح ويحرضهم على القتال والانضمام إليه وإلى محيي الدين بن الأمير عبد القادر ويبشرهم بقدوم جيش عسكري من قبل السلطان العثماني لتخليص الجزائر ، ويُروى أن كاتب بن الناصر بن شهرة وأمين سره حرزلي من عائلة النعاس ويقال أن جميع ما دونه هذا الكاتب محفوظ بأرشيف الزاوية القادرية بورقلة ـ ولم أطلع عليه ـ ومن مدينة نفطة التونسية شد الرحال إلى عين صالح ، واستمر البطل ينازل جيش الاحتلال ويصاوله إلى أن اضطر مجددا للهجرة إلى تونس رفقة جيش قليل العدة والعتاد فيهم ثلة من الحرازلية ذكرنا بعض أسمائهم آنفا ، لكن محمد باي تونس آنذاك أرغمه على الرحيل فركب الباخرة من مرسى (حلق الواد ) متوجهًا إلى بيروت و كان بصحبة رفيقه الشيخ محمد الكبلوتي ، فاستقرا بجوار صديقهما محيي الدين بن الأمير عبد القادر وكان ذلك سنة 1875م حيث انتهت مقاومة بن الناصر بن شهرة وطُويت صفحة مشرقة من صفحات البسالة والجهاد ، واتصل القائد البطل بالأميرعبد القادر المقيم في دمشق ليتوسط له لدى الحكومة التونسية ليبيع ما كان قد تركه هنالك من متاع وأراض وأثاث ، توفي رحمه الله سنة 1884م بعد وفاة الأمير عبد القادر بـ عام واحد ، ولم يتمكن بن الناصر بن شهرة من الموت في وطن لطالما كافح لأجله ، فمات غريبًا عنه ، لكن جهوده لم تذهب سدًا فقد انتقم له أبناء وطنه وحرروا البلاد والعباد من رجس ودنس الاحتلال بعد سبع شداد فما وضعت الحرب أوزارها إلا على نصر مؤزر جاء كفلق الصبح .
منقول للفائدة
0 comments:
Post a Comment